الفصل الثالث :
انا كوكب، الفتاة الجميلة التي ولدت لام روسية والتي تتعرض لسيل من الانتقادات لمجرد ان امها روسية، فالمجتمع لا يرحم، مع اني اعيش في بلد الحرية والتحضر دبي.
لي خمسة اخوة من ابي، ولكني وحيدة امي، التي رفضت ان تنجب اطفالا بعدي، كعادتهم في روسيا، لكن والدي متزوج من سيدة اماراتية مطيعة وغيورة عليه لدرجة الجنون.
والدي مصطفى الجمال مهندس في مجال النفط، تعرف على امي "انستسيا" اثناء مكوثه في روسيا وهو ي
عمل في التنقيب عن النفط ضمن بعثة نرويجية كانت تقوم بهذه المهمة في الاراضي السوفيتية آنذاك، وقرر الاثنان الزواج رغم انف الجميع. الآن وبعد مرور 20 عاما على زواجهما يمكنني القول انه زواج فاشل بدون ادنى شك، لكن امي تعودت على الحياة الجدية والمال الوفير، ولا يمكنها ان تهجر ابي، مع ان هذه هي رغبتها التي يلاحظها كل من يجالسها لبضع دقائق فهي لا تبوح بذلك علنا وانما يشتم من كل كلمة تنطقها كم هي بائسة في حياتها الشخصية وكم من الخيبات ابتلعت بسبب زواجها من ابي.
اما انا فلا يمكنني التصريح بأنني احب امي مثلما كنت اتمنى، ولكنها مهما بدر منها تبقى امي رغم سوء طابعها. منها تعلمت عدم الاكتراث وتخطي الصعاب بقوة دون الالتفات الى صغائر الامور وان علي مطاردة هدفي الاكبر بكل ثمن حتى لو تحطمت في طريقي كل اشيائي الصغرى. علمتني ان اكون اقل عمقا في تعاملي مع الاخرين وان احافظ على نفسي دائما وقبل كل شيء، وان امنح ما يفيض لدي من خيرات لمن يستحق هذا لمن حولي، ولكني ورغم هذا كنت اشعر دائما بحاجة لحنان يغمرني ويمنحني شعور بالحماية المتواصلة وان لي ملجأ اعود اليه في لحظة ضعفي، هذا الحضن الدافئ لم اجده لدى امي .
علاقتي بأبي كانت الشعلة التي تضيء ايامي وتمنحني القوة على الاستمرار في التفاؤل وتطبع البسمة على ثغري. اعتبر ابي اعظم رجل في العالم فهو مثلي الاعلى وانا معجبة به حتى لو اكن ابنته. فقد انطلق من مهندس يعمل لحساب شركة نرويجية للتنقيب عن النفط حتى جمع ثروة طائلة واصبحت لديه عدة شركات تدر عليه الارباح لحسن ادارتها.
ما يعيب ابي انه مشغول على الدوام ويعاني من ضيق الوقت باستمرار. لم يتمكن ابي من توزيع وقته بصورة ترضي الجميع، فكان معظم الوقت مشغولا إما بعمله وإما بالجزء الآخر من عائلته، مع زوجته الاخرى "خيزران" واخوتي منها.
زوجته خيزران التي كنت اناديها "خالتي" نزولا عند رغبة ابي، تعاني من الغيرة المفرطة على زوجها لدرجة انني لم التق سيدة سواء في الحياة العادية ام على شاشة السينما بسيدة تتيح للغيرة ان تسيطر عليها الى هذا الحد. قد تكون امي هي منبع الغيرة لدى خالتي خيزران، فهي حسب قول الاكبر سنا مني، لم تكن غيورة الى هذه الدرجة، ولكن منذ ان تزوج ابي من امي كزوجة ثانية، تحولت طباع هذه السيدة الى جنونية بسبب الغيرة.
خالتي خيزران تدرك تماما تفوق امي عليها من حيث الجمال والقوام والرشاقة، فأمي لم تنجب سواي بينما خالتي خيزران انجبت خمسة ابناء لما في ذلك من اثر على جسم المرأة، ولهذا فقد كانت خيزران شديدة المراقبة لما يجري حولها لا سيما كل ما تقومبه امي.
مجرد شراء ملبس جديد لأمي كان كفيلا بإشعال نيران الغيرة لدى خالتي، لأن الملابس الجديدة كانت تمنح امي جمالا وجاذبية اضافية علاوة على تفوقها من صنع الخالق. خالتي لا تبغض امي لأن هذا سيغضب ابي ولكنها لا تريدها ان تتفوق عليها بشيء. ولهذا فخالتي تعتز دائما بأنها هي من انجبت الابناء الخمسة لابي بينما هذه "الاجنبية" امي اكتفت بإنجاب بنت وحيدة.
بعد ان انهيت المرحلة الثانوية، قررت البدء على الفور بالدراسة الجامعية في فرع ادارة الاعمال بالذات، فابي يستطيع بسهولة ان يرتب لي عملا في احدى شركاته لاتولى ادارتها، وهذه كانت نصيحة امي لي، التي تعتبر امرأة عملية من الدرجة الاولى، ويمكنني ان اثق باختياراتها.
اخترت الالتحاق بالجامعة الامريكية في دبي،
وفعلا فقد بدأت الدراسة هناك بكل جد ونشاط، فأخذتني الحياة الجامعية الى جانب الدراسة الى عالم آخر، حيث الكثير من الاصدقاء ومن جنسيات مختلفة. فعلا انها لحظات ممتعة.
اراد لي القدر في خضم حياتي الجامعية النشيطة والمليئة بالمتعة والحركة المتواصلة، ان اتعرف على شاب سعودي وسيم يدعى عبد الحميد. جذبني لهذا الشاب حسن اخلاقه وكان يعتبره معظم من عرفوه من افضل الطلاب في الجامعة، بل واكثر من ذلك، فقد كانت الفتيات تهمس فيما بينها ان والده يعتبر من اثرياء السعودية، علاوة على اجتهاده ومظهره الانيق الذي يشع رجولة من اول وهلة.
انطلقت علاقتنا سطحية جدا، تعارف عابر لا يبشر بشيء اكثر من وجه مألوف التقيه في اروقة الجامعة نتبادل التحية كأي طالبين آخرين. بقيت علاقتنا على هذا الحال فترة من الزمن لم احاول ان اطورها الى شيء اكبر ولا هو لاحظ وجودي مختلفا عن الاخريات، الى ان تحدثت مع امي عنه في معرض حديثي عن احوال الرجل بصيغة المؤنث وتتحدث عن يوم امس بصيغة المستقبل. واكثر ما يثير الضحك لدي من يصغون الى حديثها عندما تحاول لفظ حرف الحاء في بعض الكلمات او حرف العين او اي من هذه الاحرف التي يصعب على الاجنبي لفظها. ولهذا فهي تجد راحتها بالحديث الي لأنها تستخدم لغتها الام الروسية التي اجيدها انا ايضا بطلاقة، فأجدها تفرح عندما اجلس بجوارها لأنها تجد في هذه اللحظة مناسبة لتسترسل في الحديث كما تشاء لأنها سئمت صعوب الجامعة والدراسة والمشاكل اليومية التي علينا التغلب عليها كطلاب. امي التي تتمتع بتجارب حياتية بحكم سنها، ابتسمت بنصف فمها وقالت دون اي حرج او تفكير عميق في الامر: كوكب هذا الشاب يجب ان يكون من نصيبك وعليك الزواج منه.
تعيش امي في دبي منذ قرابة 20 عاما، لكنها لا تتحدث العربية بطلاقة، لأن مفرداتها في اللغة العربية قليلة ولا تجيد القواعد اللغوية حتى المتبعة باللغة المتدالة غير الفصحى، فتراها تتحدث معه التحدث بلغات الآخرين سواء بالعربية او الانجليزية التي تجيدها بصورة افضل من العربية.
اخذت بنصيحة امي ووضعت نصب اعيني مهمة علي تحقيقها وهي الاقتراب من عبد الحميد و"الاستيلاء" عليه قبل ان تخطفه فتاة اخرى. لا يمكنني القول انني احببته ولكني رأيت بنفسي انني الاحق في الحصول على هذا الصيد الثمين في فوجنا الجامعي فاردته ان يكون من نصيبي وزوجي، لم لا فهو يبدو زوجا مثاليا في المستقبل. اضافة الى نصيحة امي وتشجيعها لي على هذه الخطوة النسوية البحتة، فقد كان لدي دافع شخصي هو حماية نفسي في هذا الجيل الذي تتعرض فيه الفتيات للمعاكسات المتواصلة خاصة فتاة مثلي ملامحها اوروبية يعتبرها الجميع غنيمة يجب الانقضاض عليها وبسرعة انا الآن على متن طائرة متوجهة من دبي الى الرياض بمرافقة الشرطة تنفيذا لطلب من النيابة السعودية الى الشرطة الاماراتية بترحيلي الى الرياض للتحقيق معي في تهمة قتل شقيقة زوجي عبد الحميد. معي في نفس الرحلة شقيق زوجي الذي يدعى كمال. انها ليست من الرحلات الجوية الطويلة، ولهذا ليس لدي متسعا من الوقت لأفكر بما يجري وما هي اسباب ترحيلي للتحقيق معي في السعودية في جريمة قتل مروة شقيقة زوجي. ولا ادري كيف استنتج المحققون انني متورطة في هذه الجريمة ولم تكن تربطني بالمغدورة مروة اي صلة. لعله زوجي المتهم بقتل شقيقته يراد ان يحول التهمة الموجهة اليه نحوي.
زواجي من عبد الحميد لم يكن سهلا، فوالدته لم تقبل بي عروسا لابنها الوسيم، ابن الاصول. مأخذها الاكبر علي هو ان امي روسية ، لكني لم اصب باليأس وواصلت المحاولات مرة تلو الاخرى حتى اقتنع عبد الحميد بالزواج مني رغم معارضة اهله وبالذات امه. رصيدي من الحب لديه كان خير سلاح في اقناعه ويقيني انه لا يقدر على التنازل عني بسهولة التي يريدها له اهله.
وفعلا انجزت امي كل ما هو ضروري لاتمام عقد الزواج، فاقنعت ابي الذي لم ترق له الفكرة في مجملها، ولكنه تجنبا للمشاكل ابدى موافقته بسرعة، وتم الزواج بسرعة بحضور كمال شقيق زوجي، الذي كان عبد الحميد يثق به والذي اعرب عن رأيه بأن الزواج بهذه الطريقة خطأ كبير وسيؤدي الى نتائج عكسية.
مع اني علمت من عبد الحميد ان الزواج الرسمي سيتم عند نهاية العام الدراسي الثاني، شريطة ان يأتي بنتائج حسنة في دراسته، فإنني كنت على ثقة بنجاحه وهذا ما كان يطمئنني، فكل ما اريده في نهاية المطاف هو ان يرتاح عبد الحميد في علاقته مع اهله.
يمكنني ان اصف فترة زواجي من عبد الحميد بانها كانت باردة، ومملة، لم يكن عبد الحميد ذاك الشاب الذي سكن احلامي والذي تزوجته لانني رأيت فيه الزوج المثالي، لقد اكتشفت ان صورته مختلفة عما كانت في ذهني . في الحقيقة لم يكن يرفض لي طلبا وهو على استعداد دائم لفعل اي شيء لاجلي، فكان ثريا ابن عائلة ثرية اي ان المال لا يمكن ان يكون سببا لاي خلاف بيننا، وكان متحدثا لبقا ومظهره انيق، لكني على ما يبدو كنت اتوقع زوجا من نوع آخر، زوجا مختلفا يكون رجلا صعب المراس، رجل يحتاج الى ترويض كي يصبح محط اهتمامي، لا زوجا يعيش معي وفق رغباتي. لم انتبه لهذا الاحساس تجاه عبد الحميد في بداية حياتنا المشتركة، فكنت دائمة البشاشة امامه، لكني في الوقت نفسه كنت اشعر بالاختناق الذي يشتد مع مرور الوقت لدرجة انني صرت اتمنى لو ينتهي هذا الزواج، وصار يراودني الندم على العمل بنصيحة امي.لهذا لم اكن متحمسة لفكرة الانجاب من عبد الحميد، بل كنت في قرارة نفسي ارفضها بالرغم من رغبته الشديدة بأن ننجب طفلا، فكنت الجأ الى الذرائع المختلفة لثنيه عن قراره وكانت الدراسة ومتطلباتها في هذه المرحلة الحرجة، خير ذريعة تنقذني من الحاحه في هذا
الموضوع.
يمكنني القول ان عبد الحميد كان يشعر ببرودة مشاعري نحوه ونفوري منه، وكنت ألاحظ عليه عدم ارتياحه من ذلك رغم صمته وتكتمه على مشاعره واحتجاجاته. كلانا كان يشعر ان شيئا ما ينقص حياتنا المشتركة دون ان يطرح اي منا هذا الموضوع على الطاولة لمناقشته لأن الكبرياء يقف سدا منيعا بوجه كلينا ولهذا لا احد منا يتذمر كي لا يبدو ضعيفا.
مع مرور الايام اصبح اهتمامي بزوجي اقل بكثير من اهتمام اي زوجة عادية بزوجها، فكنت افعل ما يحلو لي دون الرجوع الى رأيه، حافظت على طابع الملابس التي ارتديها كما كنت قبل الزواج وهذا كان محورا للعديد من النقاشات الحادة بيننا. عبد الحميد كان يميل الى شخصية الرجل الشرقي المحافظ اكثر من المنفتح على الموضة والتحرر، فكان يحاول اقناعي بأن ارتدي الحجاب دون اي جدوى لأنني ابديت معارضتي الشديدة منذ البداية لعدم قناعتي بهذه الفكرة ثم ان اصولي التي تمتد الى مجتمع آخر وبلد آخر حالت دون تقبلي لهذه الفكرة سواء الآن او في المستقبل. كنت اشعر احيانا ان عبد الحميد يطالبني بالتحجب غيرة علي من نظرات بقية الرجال حيثما نذهب،اراد جماله ليستمتع به بمفرده، وتنازل عن مطلبه هذا شيئا فشيئا حتى عاد الامر طبيعيا.
من الامور التي لفتت انتباهي في شخصية زوجي انه كان مجتهدا في دراسته لدرجة الجنون، لدرجة انه لم يكن يسمح لنفسه اي
خروج عن مسار الواجبات الجامعية قيد انملة ولم يكن يمنح نفسه لحظة ترفيه. كل همه كان منكبا على تحقيق الهدف المنشود وهو التخرج بنجاح من السنة الثانية للدراسة ليتم زواجنا العلني الذي يباركه اهله.
كانت لدي رغبة دفينة ان يفشل هذا الزواج ان لا ينجح زوجي في السنة الثانية كي لا يتم الافصاح عن الزواج وتكون لدي الاسباب للابتعاد عنه. نعم اني احترمه ولكنه ليس رجلي الذي بحثت عنه. هذا هو حالنا بعد الزواج، خيبة مدفونة بين ثنايا علاقتنا اليومية لا يجرؤ اي منا على الكشف عنها، ولكننا متأكدين من وجودها فلا داعي لنبشها كي لا تستعر وتقضي على بقية الاحترام القائم بيننا. بقينا على هذا الحال الى ان جاء لزيارتنا كمال شقيق زوجي، الذي استطاع ان يلاحظ ما لم يلحظه زوجي طوال فترة زواجنا، فسألني ذات مرة وبدون مقدمات إن كنت سعيدة بزواجي من اخيه، فارتبكت لسؤاله المباشر حول امور شخصية من الصعب على اي انسان اقتحامها بهذه الصورة حتى لو كان شقيق زوجي. والادهى من ذلك ان الحق سؤاله بملاحظة مقتضبة كانت بمثابة الضربة القاضية التي القتني ارضا حين قال: انا لا ارى انك سعيدة مع اخي؟
التقطت نفسا عميقا واستعدت توزاني بعد استفساره القاتل واجبته بصراحة مطلقة، بأن عبد الحميد تتمناه كل امرأة أخرى غيري. استهجن كمال جوابي الصريح وقال ان شقيقه ضحى بكل ما يملك وعلى استعداد للمزيد من التضحية لانه احبك بقوة، رغما عن امي ورغما عن الجميع
، وببساطة تقولي انه ليس الشاب المثالي؟ وليس من تمنيته ؟ ما هذا الهراء ؟
كنت ادرك تماما واستنادا الى حواراتي مع عبد الحميد ان زواجنا سينتهي على الفور بالطلاق السريع لو علم والده اننا تزوجنا سرا عنه وان والده ينتظر نهاية العام الدراسي الثاني كي يقرر هل يأتي لطلب يدي من اهلي ام لا، اما واذا علم اننا تزوجنا فهذه خيانة للثقة لا يتحملها الاب ولا ابنه في علاقتهما المستقبلية وسيكون زواجنا اول ضحية عند
ميعا ان ننهي هذا الزواج وعرضت عليه الفكرة التي اختمرت في ذهني بإبلاغ والده بسر زواج عبد الحميد مني كي يتم الطلاق بهدوء وننهي الاجراءات بسرعة لما فيه خير وراحة الجميع.
لم اكن اتوقع السرعة التي تقبل فيها كمال فكرتي ووافق عليها بقوله: يبدو ان هذا هو الحل الانسب. واضاف: مع اني لا زلت افضل ان تطلبي الطلاق من عبد الحميد بكل ما في الامر من بساطة
اوضحت له الدور الذي ستلعبه امي في مثل هذه الحالة وانها تعارض بشدة فكرة طلاقي وانها تقف لي بالمرصاد وانني لا اجرؤ امامها حتى على التذمر من حياتي الزوجية فما بالك ان اكشف عن رغبتي بالطلاق، واضفت: انه الى جانب امي وصعوبة اقناعها هناك عبد الحميد الذي لن يقبل بفكرة الانفصال والطلاق فهو يحبني بجنون.
في نهاية الامر تمكنت من اقناع كمال بفكرتي واتفق واياه على ان يخبر والديه بسر زواجنا عند عودته الى السعودية.
مر بذهني شريط هذه الاحداث بينما كنت برفقة كمال على متن الطائرة التي تقلنا من دبي الى الرياض بطلب من النيابة السعودية. انظر الى وجه كمال في محاولة لفهم ما لا اعرفه من احداث لكن دون ان اتمكن من قراءة اي شيء في ملامحه، ولا ادري كيف تطورت الامور بعد حديثي معه حول هذا الامر آخر مرة. كنت يساورني الشك بأنني وقعت ضحية لمؤامرة لا اعرف خيوطها، فها هم يرحلوني الى السعودية للتحقيق معي في جريمة قتل وانا اكثر العارفين بأنني لا اقدر على قتل نملة فكيف لي ان اقتل انسانا. تلك هي الافكار التي شغلتني طوال رحلتنا الجوية من دبي الى الرياض.
منذ ان اتفقت مع كمال على ابلاغ اهله بسر زواجي من شقيقه عبد الحميد، مر وقت طويل وكنت انتظر ان تقع المفاجأة ويأتي غضب حماي في كل لحظة، وكنت اتوقع ان يأتي زوجي ويخبرني بكل اسف ان والديه قد علما بأمر زواجنا وان هذا يعني ان علينا الافتراق، ولكن هذا لم يحدث رغم طول المدة م
نذ اتفاقي مع كمال حتى انتهت السنة الدراسية الثانية وتخطيناها بنجاح انا وعبد الحميد لدرجة ان املي بالخلاص بهذه الطريقة بات يتلاشى شيئا فشيئا.
قلت في نفسي انه لا يمكن الاعتماد على كمال في انجاز هذه المهمة فعلى ما يبدو لم يتمكن من الايفاء بوعده ولم يخبر والديه بزواجنا.
في هذه الاثناء قررت جس نبض عبد الحميد فسألته متى سيتحدث مع والده ويذكره بعهده ان يبارك زواجنا فها نحن تخطينا العام الدراسي الثاني
بنجاحكما اشترط والده لزواج رسميا امامه وامام بقية اهله. فاجأني عبد الحميد انه تحدث مع اهله فعلا، وسيتم الزواج الرسمي قريبا. طال انتظاري بعد ذلك ايام وايام الى ان رأيت عبد الحميد وحالة من التوتر تبدو عليه يقول ان والده مريض جدا وعليه السفر الى السعودية فورا. ادركت بحدسي كإمرأة على الفور ان شيئا ما قد وقع. سافر عبد الحميد في نفس اليوم ولم اعلم شيئا مما حدث بعد ذلك.
مر يومان على سفر عبد الحميد الى بلده ولم اسمع منه شيئا فاتصلت هاتفيا الى بيت عبد الحميد في السعودية في محاولة لمعرفة ماذا جرى، رد علي مكالمتي شقيقه خليفة الذي شتمني وابلغني ان عبد الحميد قتل شقيقته مروة، وانني انا السبب في ذلك.
اصبت بالصدمة والذهول مما سمعت ولم اكن اتوقع ان امر في مثل هذه الحالة، ماذا دفع عبد الحميد ليقتل شقيقته ؟ وما السبب؟ هذه اسئلة كنت عاجزة عن ايجاد الاجابة عنها.
بقيت في حيرة من امري الى ان حضر الى دبي محام سعودي يدعى سليم عبدالله، وحين قابلني قال انه يريد ان يستفسر مني حول بعض الامور، المتعلقة بالجريمة لان موقف عبد الحميد معقد في هذا الملف وربما يكون المخرج من هذه الازمة يكمن في ردودي على استفساراته.
لم اتردد بالموافقة على ان يستجوبني المحامي سليم فقال: هل تحبين زوجك عبد الحميد ؟
فأجبته بدهشة وسؤال مضاد: وما دخل هذا بالقضية؟
بدا الازعاج على وجه المحامي وقال مذكرا: انا هنا لادافع عن زوجك وافهم اشياء غير منطقية فارجو منك الصراحة لكي تتم تبرئة زوجك !
عندها ادركت ان السؤال ليس شخصيا بقدر ما هو سؤال رسمي ولا بأس ان اقول الحقيقة: لا لم اكن احبه، لكني كنت اقدره واحترمه. واردت الطلاق منه، وكنت اخطط لذلك.
ارتاح المحامي لصراحتي وقال: هل تذكرين اين كان عبد الحميد قبل نحو اسبوعين ؟ او هل سافر الى مكان ما ؟
فأجبت بعد تفكير لم يدم وقتا طويلا: عبد الحميد لا يسافر من دوني، ولكنه قبل فترة تعرضت سيارته لعطب عندما كان في طريقه الى الجامعة، واضطر للمبيت لدى احد زملائه في مساكن الطلبة، وهذا كل شيء.
وتابع المحامي: اين يتم حفظ جواز سفر عبد الحميد عادة ؟
قلت: في البيت باستمرار.
فقال المحامي: هل اخذه عبد الحميد ذات مرة دون ان يسافر؟
قلت: لا ابدا، لكن قبل شهر اخذه للسفارة السعودية لتمديد صلاحيته، وهذا كل شيء.
وسأل المحامي: هل ابلغت احدا من اهل زوجك بزواجكما مع عبد الحميد؟
فقلت: انا لم اخبر احدا، لكن اخاه كمال كان يعلم بزواجنا منذ البداية .
وبينما كنت في حوار استجواب مع المحامي سليم، دوى صوت طرق شديد على باب البيت فهرعت لاستطلاع من الطارق وفتحت الباب بسرعة وإذا بكمال امامي، وما ان رآني حتى راح يصرخ في وجهي: ايتها القاتلة، انت السبب في كل ما حدث لاخي ولاختي، انت السبب.
نهض المحامي سليم الذي لم يكن على مرأى من الطارق وتوجه نحو كمال ثم قال لكمال: اهلا بك ! الآن وضحت الصورة.
مع انني استعرض في شريط ذاكرتي كل هذه التفاصيل إلا انني لازلت عاجزة عن فهم مجمل ما حدث وكيف حدث. كيف لي ان اكون السبب في مقتل شقيقة زوجي، وكل ما اردته هو الطلاق من زوجي لانني لا اريده ان يكون تعيسا معي ولانني لم اجد نفسي معه.
اعترف بخطأ زواجي من عبد الحميد دون ان احبه حبا حقيقيا، وبأنه لم يكن علي ان اعمل بنصيحة امي التي ارادت لي شابا غنيا لا اكثر، مع انه لا ينقصنا شيء فنحن اسرة ثرية كذلك.
طوال الرحلة الجوية من دبي الى الرياض كان كمال يرمقني بنظرات اشمئزاز وكأنه يوجه لي تهمة القتل او التسبب في مقتل شقيقته!
ومع هبوط الطائرة ارض مطار الرياض كانت في انتظارنا سيارة تابعة للشرطة اقلتنا من ارض المطار دون المرور عبر نقاط التفتيش الاعتيادية وتوجهت بنا الى مخفر الشرطة حيث كان بانتظارنا موظف تشع منه الهيبة قدم نفسه بأنه المحقق فيصل الذي يتولى التحقيق في هذه الجريمة. استهل المحقق فيصل حديثه
نحوي بالقول انه يملك ادلة قاطعة تشير الى تورطي في مقتل مروة شقيقة زوجي، وانني مطالبة بالتحدث امامه بكل صراحة ليكون موقفي في القضية افضل. وبدأ يستجوبني
قال: علمت انك لم تكوني راضية عن زواجك من عبد الحميد، وانك كنت تخططين للطلاق، هل هذا صحيح؟
اجبت: نعم، ولكن ما شأن هذا بكم وباتهامي بجريمة قتل ؟
استغرب المحقق تصرفي وحاول تذكيري بقوله: لا اريد ان تختلط عليك الامور، فالمحقق في هذه القضية هو انا و
ليس انت، اجيبي على سؤالي اجابة واضحة وليس اجابة سؤال، هل هذا مفهوم ؟
فهمت ان الامر لا يقبل النقاش فقلت: نعم مفهوم، ونعم اردت الطلاق.
فقال: لماذا ؟
اجابتي واضحة وليست سرا فقلت: بعد زواجي منه ندمت على ذلك واكتشفت انه ليس الزوج الذي اردته لنفسي وشريكا لي في حياتي.
واقتحم المحقق جانبا آخر من حياتي الشخصية فقال: وما هي علاقتك بشقيقه كمال؟
اجبت دون تردد: علاقة بسيطة وسطحية فهو مجرد شقيق زوجي.
لم تعجبه اجابتي فاستفسر قائلا: لكني علمت من كمال انه جمعتكم علاقة غرام، وانكما خططتما لهذه الجريمة سويا لازاحة عبد الحميد من طريقكما.
جن جنوني لهذا السيناريو وصرخت: هذا مستحيل، وكمال كاذب، مستحيل مستحيل ... انا .. انا اتفقت مع كمال على ان يخبر اهله بزواجي من اخيه عبد الحميد لكي يتم الطلاق، هذا كل شيء، وان اراد كمال اتهامي بهذه الجريمة فهو كاذب.
اراد المحقق المزيد من التفاصيل فقال: لماذا يقتل كمال شقيقته اذن ؟ لا بد من دافع لارتكاب هذه الجريمة؟ اليس كذلك ؟
قلت: هذا لا يعنيني بالتاكيد، اذهب واسال كمال.
قال المحقق وكأنه يبلغني بنبأ سار: لقد سالته بالفعل، وقال لي جملة وتفصيلا، انه قام بقتل شقيقته من اجلك، وانك انت سلمتيه جواز سفر زوجك ليستخدمه في عودته الى السعودية ، وانك انت من استخدمت البريد الالكتروني الخاص بعبد الحميد لتراسلي المرحومة مروة، وانك الراس المدبر لكل تفاصيل هذه الجريمة .
ادركت ان الامور متشعبة اكثر مما اتصور وان المحقق يعتمد في اتهامه لي على جملة من الامور التي يعتبرها حقيقة وادلة ضدي ولهذا قررت عدم التعاون فقلت: اظن ان من حقي ان استعين بمحام يدافع عني، ولن اقول لك سوى انني بريئة وهذه الاتهامات كلها ملفقة.
حاول المحقق اقناعي ان وضعي ميئوس منه في هذا الملف وان المحامي لن يتمكن من اخراجي من الورطة التي اتخبط داخلها حسب رأيه فشرح لي بنبرة الخبير الساهر على مصلحتي فقط: المحامي لن يفيدك كثيرا، لكن والدك حضر يرافقه محام. انا انصحك بالاعتراف، لان اعتراف كمال يكفينا لادانتك.
اجبت بغضب: لن اعترف بشيء لم افعله وهذا كل ما لدي قوله.
لم يعد لدى المحقق ما يواجهني به بعد ان اصررت على ان يحضر محام جلسات التحقيق معي، فاستدعى شرطي قادني الى غرفة مرتبة، فهمت فورا انها غرفة معدة للفتيات اللواتي يخضعن للتحقيق في السعودية، وانني ساقبع في هذه الغرفة لغاية الانتهاء من
التحقيق معي، وربما تقديمي للمحكمة.
لا ادري ماذا حصل لي، لكني بدأت اشتم رائحة غير غريبة من سير التحقيق، وبدا لي المحقق فيصل وكأنه يريد توريطي في هذه القضية بكل ثمن، مع انني بريئة، ولا ادري من اين اتتني الجرأة لاتحدث بهذه الطريقة مع هذا المحقق الذي يخشاه كل الخارجين على القانون، والذي يبدو على تعامله مع المتهمين انه ذو تجربة غنية في مجال التحقيق.
اهم ما ترسب في ذهني من خفايا هذه الجريمة هو ما يتعلق بجواز السفر وبريد الكتروني لا اعرف ما المقصود بهما. فانا اعرف كل شيء عن عبد الحميد لكني لم استخدم بريده الالكتروني اطلاقا، ولا اعلم كلمة المرور لاستخدام بريده، ثم ان جواز سفره ... نعم نعم .. تذكرت ان المحامي سليم استفسر عنه هو الآخر ! لكن عبد الحميد هو من طلب مني احضار جواز السفر لانه اراد تجديده، وما شأني انا اذن ؟ اريد الخروج من هنا بأسرع ما يمكن. ما هذا الكابوس.. ما هذا الكابوس الذي وقعت به.
في صباح اليوم التالي اخلي سبيلي من المعتقل، لعدم كفاية الادلة، حسبما ذكر لي المحامي رشاد الذي وكله والدي بالدفاع عني، والذي حضر بنفسه لابلاغي بهذا الافراج. وعلمت ايضا انه تم الافراج عن كمال هو الآخر، وهو ما اثار استغرابي، لان كمال وفق ما قال المحقق، اعترف بارتكابه الجريمة بل واعترف بانني شريكته. كشفت عن حيرتي للمحامي رشاد وتساءلت كيف اخلوا سبيل كمال وقد اعترف بالجريمة، فقال ان كمال لم يعترف بشيء وان المحقق فيصل لجأ كعادة المحققين الى هذه الحيلة للايقاع بك اثناء التحقيق، لكن الحيلة لم تنجح لان عبد الحميد، ذكر للمحقق فيصل استحالة ان يكون كمال القاتل، وانت بالتالي لا يمكنك ان تكوني شريكة القاتل
فاستوضحت من المحامي: هذا يعني ان عبد الحميد هو السبب بالافراج عني؟
اجاب: له فضل كبير، ولكن عدم كفاية الادلة كان السبب الرئيسي. والآن الافضل لك ان تعودي مع والدك الى الامارات، وبوسعي الآن اخبارك انك اصبحت امرأة طالق، بعد ان اتم عبد الحميد اجراء الطلاق، واظن حسبما فهمت من المحقق فيصل هذه كانت رغبتك منذ البداية.
لا لا .. قلتها بنوع من التمتمة بهدوء شديد، بهدوء غريب، لماذا يا عبد الحميد لماذا ؟
في هذه اللحظة بالذات شعرت بالحب نحو هذا الانسان وشعرت انه لا يمكنني التخلي عنه، في هذه اللحظة بالذات فهمت انني لن احب احدا اصلا ! فبرودة امي وبعد ابي عني، جعلاني لامبالية واتصرف بشيء من الانانية، ولا اهتم لمشاعر الآخرين.
شعرت بسخونة في وجنتي تبين سريعا انها دموع تسللت رغما عني، نعم كوكب تبكي على رجل كانت تقنع نفسها ليل نهار انه ليس رجلها المفضل وانه لا يصلح أن يكون زوجها وانه خيبة امل حياتها، ها هي الآن تعجز عن حبس دموعها اسفا عليه بعد ان طلقها تماما مثلما كانت تتمنى طوال العامين منذ عرفته.
كوكب التي لطالما ظنت انها عديمة المشاعر والاحاسيس وانه لا يمكن لدمعة ان تخذلها وتنزلق خارج مقلتها دون اذن منها حتى لو فقدت اقرب الناس اليها. ها هي تحققت من ان الدموع تعيش وفق قوانين خاصة بها لا تخضع لحسابات الربح والخسارة، الكبرياء الاذلال، ومعادلات المصالح والانانية، انها الدموع التي تفضحك في لحظة
تعتبر نفسك اقوى شخص على وجه الكرة الارضية. فجأة تلمع في عينيك وبسرعة تملأ مقلتك ثم تتدحرج مع اول حركة لجفنك، فتسكب نفسها من اعالى العجرفة والتصنع والتفاخر والكبرياء المزعوم لتقطر على الارض. يليها صوت شهقة تصارع غصة في الصدر لتمنعها من ان تتحول الى بكاء صريح. إذن انا ابكي على عبد الحميد بعد ان كنت ابكي على حالي بسببه...الآن فقط شعرت انني كنت احبه على طريقتي ، احبه وفق معاييري الخاصة بي، الآن فقط ادركت كم كنت مرتبطة به وانه اصبح جزءاً من سيرتي الذاتية التي يجب علي ان احافظ عليها فهي تاريخي الشخصي، نعم عبد الحميد جزء من تاريخي ولا بد ان احافظ على تاريخي الشخصي ... يجب ان اتحدث معه نعم يجب ان اسمعه كل ذلك...
سألت ابي هل يمكنني التحدث مع عبد الحميد قبل ان نغادر السعودية، فتدخل المحامي رشاد وقال: من الافضل السفر الآن، لأن القضية باتت معقدة. اعملي بنصيحتي وسافري على الفور!
انضم ابي الى رأي المحامي ونصحني هو الآخر بأن اسافر. وفعلا بعد ساعة واحدة كنا في طريقنا الى دبي، وبينما انا بين الغيوم اسبح على متن طائرة الخطوط الجوية السعودية سطعت في ذهني فكرة جهنمية كالبرق وسط ظلام دامس، نفضت رأسي وكأني استيقظ من نوم خفيف.. نعم عادت الى ذهني معلومة كنت اعرفها ولم اعرها اهتماما من قبل، يا إلهي كيف نسيت ذلك ؟ نعم الآن فهمت من نصب لي هذا الفخ انا وزوجي ...[/color]
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الفصل الرابع :
انا كمال اعمل مع ابي في ادارة اعماله بعد ان علمني الجدية المتناهية في العمل واصبح يعتمد علي في كل شيء. الكل يعرفني على أنني الضمير الحي للاسرة ولهذا فالكل يحبني وابادلهم بمثله ولا يمكنني ان ازعج احدهم. انا ثاني الابناء في الاسرة بعد اخي البكر عبد الحميد، ولدي شقيق اصغر مني هو خليفة المدلل، وشقيقة هي مروة المفضلة لدى ابي وامي ويحبها الجميع ايضاً، فمن لا يحب مروة في البيت! وهي التي تلبي طلبات الجميع وتحتفل باعياد ميلادنا ومناسباتنا ولا تنسى مناسبة احد منا ابدا. ويل لكل من يثير غضب مروة او يسبب لها حزنا، عندها لن يرحمه ابي ولا ترحمه امي وفي الحقيقة ولا ارحمه انا ايضا.
اذكر تسلسل الاحداث التي عشتها في الايام الاخيرة وكأنها كابوسا اتمنى لو يوقظني صوت المنبه لأهدأ واعود الى طبيعتي، ولكن للاسف كلما فتحت عيني اشاهد ذات الجدران في ذات الزنزانة في ذات المعتقل.
بدأت معاناتي منذ سافرت الى دبي حيث كوكب زوجة اخي التي كانت السبب في مقتل اختي الحبيبة رحمها الله، وهناك القي القبض علي بتهمة قتل مروة اختي !! ويلي كيف حدث لي هذا وهل حدث لي هذا فعلا؟
لعلمي بتسلسل الاحداث المتسارعة على مدار عدة ايام كنت متاكدا من ان اخي عبد الحميد هو من قتل مروة ؟ ولكني اجد نفسي الآن قابعا في المعتقل اواجه تهمة القتل واي قتل، انها تهمة قتل مروة شقيقتي. لا بد ان في الامر سرا دفينا، لا بد ان خطأ فادحا
قد وقع وستنجلي الامور عنه لتبدو الحقيقة.
كنت اساعد الجميع واخدم كل من شعرت انه بحاجة لمساعدتي سواء في البيت او من الاقرباء والمعارف. كنت رجل المهام الصعبة. كان اخوتي في نظري عبارة عن مجموعة من المدللين، واخص بالذكر اخي خليفة الذي لا يفعل شيئا سوى التذمر مني امام ابي وامي.
بدأت حكايتي حين طلب مني اخي عبد الحميد التوجه الى دبي حيث يسكن ويتلقى علومه الجامعية، لانه يريدني في شأن هام، استأذنت ابي بذلك وسافرت الى دبي. ما ان وصلت حتى اكتشفت ان اخي عبد الحميد ينوي الزواج من فتاة اماراتية دون علم الاهل وان يتكتم على زواجه حتى ينهي السنة الدراسية الثانية بنجاح، وعندها سيتم الاعلان عن الزواج رسميا بمباركة اهلي.
لم اكن مقتنعا بنوايا اخي ولا بصواب الخطوة المقدم عليها، لكني اكن له الاحترام فوافقت شريطة ان لا يؤثر ذلك على دارسته، وإلا سأجد نفسي مضطرا لاخبار ابي بالموضوع. في الحقيقة لا الوم اخي على تسرعه لأن عروسه كوكب غاية في الجمال، وهي فتاة تداعب احلام أي شاب، فباركت له زواجه.
لم ادرك التفاعلات الغريبة التي اثارتها عروس اخي في احشائي، لكن جمالها الطاغي وانوثتها المتمردة جعلاني افكر بها باستمرار، لدرجة انني سافرت لزيارة عبد الحميد عدة مرات في دبي فقط لاراها. كيف يمكنني ان اعترف بذلك .. ويحي ؟
بدأت انشط علاقتي بزوجة اخي حين قرأت في تصرفاتها انها غير سعيدة في حياتها المشتركة مع اخي. وكا
ن ذلك خلال زيارة عادية لهما في دبي. فقد لاحظت انها كانت تحوم حولي وفي ذهنها شيء ما تحاول ان تقوله على مسمعي، شيء هام للغاية، ولما استفسرت عما يدور في راسها اجابتني بصراحة بانها غير سعيدة مع اخي، وانها تريد الطلاق منه. بل وذهبت الى ابعد من ذلك فقد طلبت مني ان اخبر اهلي بزواجهما اي افشاء سر زواجهما لعل اهلي يجبرون عبد الحميد على ان يطلقها، وهذا ما ارادته لكي تصل الى الطلاق من اخي دون الحاجة ان تطلبه هي بنفسها وبصورة مباشرة قد تؤدي الى مشاكل ورفض من جانب عبد الحميد.
لا ادري لماذا سررت بهذه المعلومة وتلقفتها فورا بالموافقة وبشعور بنوع السعادة ينبع في داخلي لا اراديا، وفعلا لم اتردد في صنع هذه الخدمة لكوكب، وعند عودتي الى السعودية اخبرت جميع افراد عائلتي بزواج اخي عبد الحميد من كوكب. الصدمة الاكبر كانت من نصيب امي التي بكت كثيرا، وطلبت من ابي ان يستدعي عبد الحميد من دبي فورا.
لكن ابي طلب من الجميع التروي الى ان ينهي عبد الحميد العام الدراسي، وعندها سيتصرف هو بطريقته. وهذا ما لم يعجب امي، التي صرحت بأن لا شيء يهمها حاليا لا دراسة ابنها ولا اي امر آخر سوى ان يطلق اخي زوجته كوكب على الفور، ظنا منها ان هذه الفتاة الروسية ستدمر حياته. هذا الموقف المتشدد اثار عصبية ابي، فأمر بأن لا يتحدث احد مع عبد الحميد في هذا الموضوع.
كان الحزن باديا بوضوح على ملامح مروة التي رغبت بشدة ان تتعرف على ع
روس اخيها الذي تحبه وتقدره، والذي كان يلبي لها معظم طلباتها، فساستفسرت كثيرا مني عن عروس عبد الحميد وكيف تبدو، وفاجأتها ذات مرة بانها اجمل امرأة رأيتها في حياتي. ثم سكت قليلا ..
ولما سألتني لماذا انا حزين لهذه الدرجة، كشفت لها الحقيقة انني جئت اكشف لاهلي سر زواج عبد الحميد من كوكب نزولا عند رغبة زوجته كوكب وان هذه الفكرة جاءت لتخدمها في سعيها للحصول على الطلاق من عبد الحميد. ابدت مروة رصانة اكبر
من سنها وحسن تعامل في مثل هذه المواقف، فنصحتني ان اتوقف عند هذا الحد وان لا افعل في هذا الاتجاه اكثر مما فعلت، وستحاول هي وبطريقتها اقناع امي بقبول العروس بينما سيكون امام كوكب متسعا من الوقت لتتعرف على عبد الحميد اكثر فأكثر وعندها لا بد ان تحبه وبهذا سيتم ترتيب كل الاوراق مرة واحدة إذا اتحنا للايام ان تمر دون افتعال احداث جديدة تعكر صفو حياة الجميع
نعم .. اقتنعت تماما بكلام اختي مروة، فلا يمكن لاي فتاة ان لا تحب عبد الحميد، اجابة مقنعة جدا، فانا اعرف شقيقي خير المعرفة. واعرف ان كوكب لا بد ستحبه لاحقا .
ابقيت الوضع على ما هو عليه، حتى اقتربت نهاية السنة الدراسية، وكانت امي طوال هذه الفترة عصبية المزاج، وتسالني باستمرار عن عبد الحميد بعد كل زيارة لي لدبي. وكانت تخشى ان يكون عبد الحميد قد انجب من هذه الروسية على حد قولها، وكانت تتنهد بارتياح
كلما علمت انه لم ينجب لغاية الآن. في الجانب الآخر كانت مروة التي تتوق الى ملاقاة كوكب زوجة اخيها لتتحاور معها في محاولة لاقناعها بأن عبد الحميد شخص يستحق الحب وان كوكب تحتاج الى بعض الوقت لتقتنع بزوجها وانها ستحبه دون ادنى شك. كانت مروة تطالبي بأن اصطحبها معي الى دبي وكان الحاحها شديد جدا، لكني كنت ارفض باستمرار كي لا اتسبب بمشاكل اضافية لاخي.
سارت الامور على هذه الشاكلة حتى جاءت زيارتي المشؤومة
الى دبي. فقد اتصل بي شخص لا اعرفه واخبرني ان اخي عبد الحميد يريدني فورا بعد ان حدث طارئ بينه وبين زوجته، فتوجهت فورا الى دبي.
وهناك التقى بي شخص يدعى احمد واخبرني انه من طرف كوكب وانه تربطه صداقة حميمة باخي عبد الحميد، وطلب التحدث معي حول ما اتفقت انا وكوكب منذ سنة وهو إفشاء سر زواجها من اخي، وفعلا رافقته من المطار الى احد المقاهي في دبي.
وشاءت الظروف ان انسى حقيبتي في سيارة الاجرة الذي اقلتن
ا من المطار الى المقهى المذكور، لدرجة ان سائق الاجرة انطلق بسيارته فور نزولنا منها دون ان يتلقى منا تكلفة السفر. هذه الحادثة لم تترك في نفسي اي اثر لان احمد اخبرني انه سيتصل بشركة سيارات الاجرة المذكورة ليعيدوا لي الحقيبة في الحال قبل حتى ان نغادر المقهى.
طلب مني احمد خلال حديثه ان اابذل ما استطعت من جهد لاقناع والدي بزواج كوكب من اخي، لانه صديق عبد الحميد في الدراسة ويريد مصلحته، ويعلم مدى حب عبد الحميد لكوكب.
وحين سالته كيف عرف بهذا الموضوع، قال ان كوكب اعترفت له بكل شيء، وكما اعترفت له بما طلبته مني ايضا. وفعلا اعيدت لي حقيبتي بينما كنا في المقهى، فلم افتحها ولم اتفقد محتواها.
عدت الى السعودية وما ان وصلت حتى اتصل بي احمد ليقول ان علي العودة الى دبي فورا، فقد وقعت مشكلة معقدة وان علي التواجد هناك للمساهمة في حلها، وعندما فحصت امكانية العودة تبين ان طائرة دبي ستكون في صباح اليوم التالي، فأضطررت للبقاء في مطار الرياض لليوم التالي.
عدت الى دبي، والتقيت احمد مجددا فاعتذر عن هذه الاتصالات والتنقلات واضاف ان الامر لا يمكن التحاور حوله هاتفيا وان وجودي هناك ضروري.
وقبل ان استفسر ما الخطب الجلل الذي حذا به الى استدعائي بهذه السرعة قبل عودتي الى بيتي، قال انه اكتشف ان كوكب وقعت في شرك الخيانة الزوجية مع احد الشبان، وانه شاهدها امس برفقة شاب في احدى السيارات، ولا يمكنه ان يخبر صديقه عبد الحميد بذلك، لكي لا يصدمه.
اثار هذا الخبر جنوني، فاتصلت بابي فورا ابلغه بما يجري فطلب مني ان اعود فورا للسعودية لان هناك مصيبة اكبر قد وقعت ولن يخبرني بها هاتفيا. خفت من نبرة صوت ابي وادركت ان امرا هاما جدا قد وقع وانه ليس بأمر يدعو على السرور.
عدت للسعودية وفور وصولي ابلغوني بمقتل مروة اختي، لكني لم اصدق من هو المتهم بنظر الشرطة. فقد اخبرني رجال الشرطة بان المتهم الاول هو اخي عبد الحميد، وعند سؤالي كيف ذلك قال لي المحقق فيصل ان ساعة يد عبد الحميد وجدت بجوار جثة المغدورة، وان والدي اعترف بان هذه الساعة تعود لعبد الحميد، كما لم يتم العثور على آثار لاقتحام البيت بوسائل غير مشروعة، بل ان القاتل دخل المنزل باستخدامه مفتاحا للباب الرئيسي للمنزل وان الشكوك تحوم بقوة حول اخي عبد الحميد.
اذكر في هذه اللحظة ان ما كان يدور في ذهني هو كيف اقتل عبد الحميد وانتقم لاختي العزيزة. اقترح علي
ابي ان نستدعي عبد الحميد الى البلاد دون ان نبلغه الحقيقة وحين يصل سنرى ماذا نصنع معه. فاتصلت به لاحقا، ليحضر الى السعودية وابلغته بان ابي مريض يرقد في المستشفى.
في هذه الاثناء طلب المحقق فيصل مني التكتم على الجريمة لاستدراج اخي من دبي. لكي يبدو حضوره طبيعيا، ولكي يشعر عبد الحميد بارتياح وببعد الشبهات من حوله على اعتبار انه القاتل الذي يبحث عن وسيلة يبعد الشبهات عن نفسه، فقد نشرت احدى الصحف قصة
ملفقة تحكي عن اغتصاب وقتل فتاة من قبل ثلاثة شبان ليكون هذا تمويها لعبد الحميد يمنحه بعض الارتياح بان لا احد ينتظره في الرياض ليعتقله بتهمة القتل.
كما طلب مني المحقق فيصل ان انتظره عند المستشفى، وليس في المطار، لكي يكون مرتاحا اكثر عندما لا يرى أي شرطي او احد ينتظره في المطار، فهو شاب ذكي جدا ويصعب ان يكون فعل ما فعل دون ان يخطط له جيدا.
كل هذه الادوار اضافة الى الضغط النفسي جراء قتل اختي، جعلني اكره عبد الحميد ولا افكر جيدا بكل الاحداث الغريبة التي مرت علي خلال الايام السابقة، فمن الواضح ان احدهم خطط لكل هذا. وترك الشكوك تتكثف حول اخي لدرجة انني كنت واثقا من انه القاتل الفعلي، ولم اشأ ان يوكل له ابي محاميا للدفاع عنه.
حين اتذكر كل هذا، افهم ان وراء كل هذه العملية خطة نسجت خيوطها بصورة متقنة جدا، فمن يكن هذا احمد ؟ هل هو فعلا صديق اخي ؟ هل فعلا كوكب خانت اخي ؟ ام ان هناك خدعة كبيرة نت
عرض لها جميعا ؟ ومن هو صاحب المصلحة الاولى بقتل اختي مروة؟ لا يمكن ان يكون عبد الحميد لا يمكن. عبد الحميد افضل من ذلك بكثير.
اذكر انني كشفت الحقيقة اثناء تواجد اخي عبد الحميد في المعتقل ويخضع للتحقيق، سافرت الى دبي لملاقاة زوجته التي تبدو السبب في كل مشاكلنا. وكانت المفاجآة بالنسبة لي حين وجدت المحامي سليم عبدالله عندها والذي سارع الى اتهامي بانني قاتل اختي واستدعى الشرطة لتعتقلني.
وبعد ان احض
رتني الشرطة للتحقيق امام المحقق فيصل بالتحقيق اذكر ما دار بيني وبينه:
المحقق: لقد خدعتني يا كمال.
ادهشني سؤاله: بماذا خدعتك ايها المحقق؟
المحقق فيصل باستياء من تعرض لمحاولة الخداع: شريط الفيديو في المطار اثبت لي انك انت الذي دخلت الاراضي السعودية وليس اخوك عبد الحميد، اي انك دخلت بجوازه لتلفيق التهمة له، بل عدت في نفس الليلة بجواز سفرك انت.
اعترضت بشدة على هذا الاستنتاج: لا يمكن ان يكون ذلك، عماذا تتحدث ؟
بدا المحقق فيصل وكأنه يتراجع عن موقفه وقال: اشرح لي انت، اين كنت ليلة مقتل اختك ؟
فأجبته: كنت في المطار، انتظر طائرتي للعودة الى دبي.
لم يفهم المحقق ما اقول، فسأل: ولماذا تاتي وتعود فورا.
قلت: اتصل بي احدهم واخبرني بان هناك مشكلة معقدة يتعرض لها اخي عبد الحميد في دبي.
وهنا استوقفني المحقق: ولماذا دخلت بجواز سفر اخيك عبد الحميد ؟
اجبته دون اي تفكير: هذا مستحيل فقط دخلت بجواز سفري.
لم يقتنع المحقق بما سمع: هل انت متاكد؟
هنا ترددت في ردي: بصراحة لست ادري، فقد كان عقلي مشتتا وضاعت حقيبتي ولست ادري ماذا حدث، اظن ان احدهم لفق هذه القضية لي ولاخي .
اراد المحقق شيئا ملموسا يستند اليه: هل يمكنك ان تثبت انك كنت طوال الليل في المطار.
هنا كنت واثقا من نفسي فقلت: نعم فقد قضيته مع ضابط امن صديقي يدعى سعود، يمكنك ان تساله، لم اغادر طوال الليل.
وبدا المحقق محبطا من عدم التوصل الى اي طرف خيط في هذا الملف فقال: لا ادري يا كمال لكن يبدو لي ان القضية اصعب مما توقعت.
وافقته الرأي: انا اظن ذلك ايضا صباح اليوم التالي تم الافراج عني وعن كوكب زوجة اخي، التي اصبحت الآن طليقته ، وانا لا ادري بتاتا ماذا يحدث ومن اين أبدأ . فالقضية متعبة واصبحت خيوطها متشابكة. من يكون قاتل اختي ؟ من يكون ؟ من يكون ...
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الفصل الخامس :
انا المحقق فيصل عبد الرحمن، وهل هناك من لا يعرف المحقق فيصل؟ تحقيقاتي يدرسونها في الكليات والجامعات، متزوج ولدي اربعة اولاد، لكن لدي اخت وحيدة في سن المراهقة تدعى سنبل، هي اختي الحبيبة، طائشة بعض الشئ لكنها ملاك ، ادافع عنها باستمرار، حتى عندما تخطئ. فقد اوصياني ابي وامي برعايتها، واتمنى ان اراها عروسا وان تتزوج فانا احبها اكثر مما احب جميع ابنائي.
نجاحي في عملي جعلها فخورة بي، فهي تتباهى بي امام صديقاتها، وانا اعلم كل شيء عن صديقاتها، لاني امارس دور الشرطي الحارس لها، ولا يطمئن قلبي إلا عندما اعلم كل شيء عنها. لكنني اعترف بانه يصعب علي مراقبتها بحرص شديد في ظل عصر التكنولوجيا، والموبايل، والانترنت، وافعل ما استطعت.
حالفني الحظ في الكثير من القضايا، وفككت خيوطها جميعها بسهولة، لكن ملف المغدورة مروة يربكني بعض الشيء، ولم استطع لغاية الآن ان اعثر له على حل، رغم انني ملم بكل جوانبه كمحقق جيد يعرف من اين ابدأ والى اي اتجاه يقصد.
من المفروض ان يكون عبد الحميد هو القاتل حسب الادلة المتوفرة لدينا، لكني كنت واثقا من ان النيابة ستفرج عنه حين تشاهد التسجيل المصور في مطار الرياض، ثم تحولت الشبهات نحو شقيقه الاصغر كمال على انه هو القاتل، او كوكب التي تبدو في دور مدبرة الجريمة على الاقل، لكن الادلة ضدها ضعيفة جدا.
في هذه القضية بالذات كنت مضطرا للبحث عن قاتل، لا يمكن ان تكون هذه القضية
من دون قاتل. ولكن رغم ما بذلت من مجهود وتشعب في التحقيق، ورغم كل الاجراءات فأنا لا زلت عاجزا عن الاشارة بإصبع الاتهام نحو اي كان في قضية.
المحقق حمد المعاون الاول لي في التحقيق في معظم الملفات المعقدة، يتابعني مستغربا من تصرفي في هذه القضية ومدى استعجالي في العثور على القاتل، لكنه لا يعلم شيئا فهو محقق جديد ولا يفهم التعقيدات الكثيرة في مثل هذه القضايا الشائكة. وبالمناسبة فقد بدأ هذا المحقق الشاب حمد يزعجني حقا باسئلته الكثيرة، واتمنى ان اتخلص منه بسرعة قصوى، فهو لا يساعدني بحل القضية بل يزعجني باسئلته الكثيرة.
ماذا جرى لك يا فيصل هذه المرة؟ ألا تنجح في العثور على القاتل؟ اوليس في يدك حتى الآن طرف خيط على الاقل لتبدأ بتفكيك طلاسم هذه الجريمة ؟
لا يمكنني ان انكر انني محقق يبث الرهبة في نفوس المشتبهين عند التحقيق، وكثيرون هم من يحسبون لي الف حساب، فطلباتي مجابة في اغلب الاحيان، وفي المملكة باسرها سمعتي تسبقني، لا يمكنني ان اصف نفسي باني انسان مثالي، وكذلك لست محققا مثاليا، لا سيما في هذه القضية التي توليت التحقيق فيها، وما زلت بدون مخرج.
يمكنني سحق أي شخص مقابل مصلحتي الشخصية، او ترقيتي، ويمكنني ان افعل الكثير من اجل اختي سندس.
----------------------------------------------------------------------------
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع