العنصر الأول : ما هو التغيير؟
التغيير هو : عملية تحول من واقع نعيش فيه إلى حالة منشودة أو إلى حالة نرجوها أو إلى مستقبل نريد الوصول إليه.
أعتقد أن التعريف السابق لعملية التغيير يوضح بشكل مبسط أن هناك ثلاث مراحل ينتقل فيها الإنسان من أحدها للآخر حتى يقوم بعملية التغيير, وهذه المراحل الثلاث هي كما يلي :
01 - المرحلة الأولى : مرحلة الواقع الذي يعيش فيه الإنسان : وهي المرحلة التي يريد الإنسان التخلص منها إلى ما هو خير منها.
02 - المرحلة الثانية : مرحلة العملية الإنتقالية: وهي المرحلة التي سيقوم الإنسان فيها بممارسة بعض التصرفات التي ستعمل على تغيير حالته من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثالثة ؛ وعلينا أن نعترف أن هذه المرحلة هي أصعب المراحل الثلاث تقريبا, لأن فيها تخلي عن نقاط قديمة وإكتساب لنقاط جديدة.
03 - المرحلة الثالثة : هي مرحلة المستقبل المأمول : وهي المرحلة التي نصل فيها إلى الصورة التي نريد أن نكون عليها, والحصول على الهدف الذي نريد الوصول إليه.
العنصر الثاني : لماذا نسعى إلى تغيير أنفسنا؟
هناك أسباب عديدة تدعونا إلى السعي لتغيير أنفسنا, وسنذكر بعضا منها على سبيل ضرب الأمثلة وليس الحصر بإذن الله:
01 - السبب الأول : نسعى للتغيير من أجل حل المشاكل بغض النظر عن نوعية هذه المشاكل : يقول آينشتين : إننا لن نستطيع أن نحل المشاكل المزمنة التي تواجهنا بنفس العقلية التي أوجدت تلك المشاكل.
وهذا منطقي جدا, فسواء كانت المشكلة التي نمر بها مشكلة في البيت أو في العمل أو في السياسة, أو... إلخ, فلابد من مرونة في التفكيير, لأن تلك المشاكل عندما وقعت, وقعت في ظل نوعية تفكير محددة, وبالتالي لابد من تغيير طريقة وأسلوب التفكير حتى نستطيع الوصول إلى حل لهذه المشكلة.
ومن هنا نقول : إن تغيير طريقة التفكير يساعدنا في أن ننظر إلى المشكلة من الأعلى فنراها جيدا ؛ بينما التفكير بنفس العقلية التي أوجدت تلك المشاكل, تجعلنا ننظر للمشكلة من داخلها ؛ فتصبح المشكلة هي التي تنظر إلينا وتلم بنا وتحتوينا, ولسنا نحن من يحتويها.
02 - السبب الثاني : نسعى للتغيير من أجل أن نثبت ذواتنا : فلكي يسعى الإنسان إلى تطوير نفسه وتطوير ثقافته وتطوير حياته المعيشية لابد له من تغيير, سواء كان هذا التغيير عن طريق إكتساب أمور جديدة أو التخلي عن أمور قديمة.
03 - السبب الثالث : نسعى للتغيير من أجل القضاء على الملل وخاصة الناتج عن الروتين : فبعض الناس حياتهم تسير في خطوات متشابهة لا تتغير, يقوم بفعلها كل يوم, وهذا التكرار في العمل بشكل دائم هو ما يسمى بالروتين, وهذا الروتين يؤدي إلى الملل, وهذا الملل يعمل على إفقاد الشخص الإستمرار في أعماله الحياتية, فلابد له في هذه الحالة أن يبدأ في تغيير هذا الروتين, ويبدأ في تغيير الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الملل.
04 - رابعا : نسعى للتغيير من أجل رفع قدر الكفاءة والمواهب لدينا : فمن التغيير أن نعمل على كثرة مخالطة أفكار الآخرين, والتي لا نعلمها نحن, مما يعمل على تغيير الخلفيات الثقافية لدينا وبالتالي تعمل على إثراء الفكر وتغيير الحالة العلمية, والتي تؤثر بالطبع على تصرفات الإنسان, والذي قد يؤدي إلى إكتشافك لمواهب دفينة فيك لم تكن تعلمها من قبل.
05 - خامسا : نسعى للتغيير من أجل مواكبة التقدم والتطوير : فلا يصح أن تكون البيئة المحيطة بنا كلها في وادٍ ونحن في وادٍ آخر, بل لابد من دراسة هذا التقدم والبحث في كيفية مواكبته بتغيير ما يلزم وتطوير ما يلزم والإعتراض على ما يجب أن نعترض عليه ؛ أي أننا لابد أن تكون لدينا المرونة الكافية للتعامل مع الجميع.
06 - سادسا : نسعى للتغيير من أجل تحقيق طلبات الآخرين : كتغيير أسلوب الشرح في المحاضرات مثلا لتسهيل نقل المعلومات إلى الآخرين حيث أن إيصال المعلومة المشروحة للطلاب هو من مطالب الآخرين, وكذلك التغيير السياسي هو من مطالب الآخرين, فنحن نسعى لعمل التغييرات السياسية للوصول إلى رضى الشعوب... وهكذا.
العنصر الثالث : ما هي مجالات الحياة التي يمكن التغيير فيها؟
بعد معرفتنا لبعض الأسباب التي من شأنها أن توضح لنا أهمية السعي للتغير, رأيت أنه من المفترض أن نعلم ما هي المجالات التي يصح فيها التغيير؟؟؟ وما هي النواحي الحياتية التي يحسن التطوير فيها؟؟؟
وبالطبع النواحي التي سأذكرها الآن هي نواحي عامة, على سبيل ضرب المثال, وسعيا منا في وضع بعض الخطوط العريضة أثناء التفكير في تحديد النواحي التي نريد أن نغير أنفسنا فيها, سواء بالزيادة والتطوير فيها أو بالإنتقاص منها, وهذه النواحي هي :
01- أولا : القيم والمبادئ والفكر : فبناء عليها وعلى تغييرها تتغير حياة الإنسان لأنها منبع سلوكه وتصرفاته وقراراته... إلخ.
وللعلم هناك أربعة مصادر لصياغة العقل البشري, وهذه المصادر الأربعة هي :
* المصدر الأول : الإعلام : وهي أكثر المصادر إنتشارا وأسرعهم تأثيرا, ولكنها أقلهم عمقا في النفس, فتجد التأثر بالإعلام مرهون بوقت إثارة الموضوع الذي أثاره الإعلام فقط, فإذا ترك الإعلام الحديث عن هذه النقطة, نراها وقد تناساها الآخرون, وبالتالي فإن التأثير بالإعلام قوي جدا ولكنه ليس عميق الأثر على الدوام وإنما بنسبة بسيطة فقط.
* المصدر الثاني : أماكن التعليم ( كالمدارس والجامعات ) : وهذا المصدر من المصادر المؤثرة جدا على صياغة العقل البشري, ولكنه يحتوي على مشاكل كثيرة أفقدته هيبته في قلوب الآخرين, وكذلك تم فقدان الثقة بشكل جزئي في هذا المصدر, ولكنه يبقى مصدرا قويا جدا وأقوى من الإعلام في عمق الأثر الذي يتركه في النفوس كمصدر صياغة للعقل البشري.
* المصدر الثالث : دور العبادة ( كالمساجد والكنائس ) : لا يستطيع أحد نهائيا أن ينكر تأثير العقائد ودور العبادة على صياغة العقل البشري, بل إن هذا المصدر يعتبر أقوى من الإعلام وأقوى من أماكن التعليم من ناحية عمق أثره في النفوس.
* المصدر الرابع : الأسرة : وهذا المصدر يعتبر أقوى المصادر الأربعة المؤثرة على صياغة العقل البشري على الإطلاق من ناحية عمق الأثر في النفوس ؛ فما يزرعه الأباء في عقول ونفوس أبنائهم بالتربية, يعتبر أكثر رسوخا من غيره ؛ وإنك لترى صعوبة كبيرة جدا في تغيير نقطة تربى عليها الإنسان بين أفراد أسرته, فإذا توجهت الأسرة بأفرادها توجها سليما نشأ الإنسان بفكر سليم, وإذا سعت توجهت الأسرة بأفرادها توجها خاطئا, هدمت الأسرة و هدم الفرد المنتمي لها على الأغلب.
ويتم زراعة القيم في السنوات الست الأولى من حياتنا من خلال الوالدين, ثم يتحول مصدر زراعة القيم بعد ذلك إلى التأثر بالعائلة, والأصدقاء, والإعلام, والبيئة التي نعيش فيها... إلخ... وبتغيير هذه العوامل يتكون لدينا المحيط اللازم لعملية التغيير.
02 - ثانيا : السلوك والتعامل مع الآخرين : والسلوك هو واحد من النواحي التي يمكننا التغيير فيها حتى نصل إلى درجة نرتضيها لأنفسنا, ولابد أن نعلم أنه لا يستطيع أحد أن يغير سلوكي نهائيا وإنما يستطيع الآخرون إمدادي بمعلومات تساعدني على أخذ القرار بتغيير سلوكي, فمثلا : لا يستطيع أحد إضحاكي إلا إذا قررت أنا أن أضحك, ولا يستطيع أحد إغضابي إلا إذا قررت أنا أن أغضب ؛ فسلوك الإنسان نابع من قراراته, وقراراته نابعة من قيمه, وقيمه نابعة من التأثيرات المحيطة به ؛ وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كل مولود يولد على الفطرة, فأبواه يهودناه أو ينصرانه أو يمجسانه ).
03 - ثالثا : التغيير الإجتماعي : مثل : تغيير الحالة الإجتماعية من العزوبية إلى الزواج, وتغيير السكن, وتغيير الأثاث... إلخ.
04 - رابعا : التغيير في التخصص والدراسة : للوصول إلى أمثل تخصص يبدع فيه الإنسان إذا درسه.
05 - خامسا : التغيير في الميول والرغبات : كالرغبات الترفيهية مثلا والميول الشخصية من ناحية تفضيل شيء على شيء.
06 - سادسا : التغيير في المهارات والقدرات : ومثال ذلك : التدريبات الجسدية مثلا أو التدريبات الفكرية أو التدريبات العملية.
07 - سابعا : التغيير في أساليب الإدارة والقيادة : التغيير في هذه الناحية من التغييرات الأساسية, لأن الإدارة تتغير حسب ما نقوم بإدارته, وكذلك القايادة تتغير حسب ما نقوم بقيادته.
08 - ثامنا : التغيير في المسئوليات والصلاحيات : حتى تصل إلى التوظيف الأمثل لنفسك...
وقد تجرنا تلك النقطة السابقة ( الثامنة ) تلك إلى سؤال, وهو :
ما الفرق بين الصلاحية والحرية؟
لنقول :
* الصلاحية : هي حق يعطى للإنسان لكي يطاع في تصرفه.
* الحرية : يتم أخذها عنوة ولا توهب.
العنصر الرابع : كيف أعلم حاجتي للتغيير في جانب من جوانب الحياة؟
حتى أصل إلى إجابة هذا السؤال, لا بد أن أسأل نفسي أسئلة أخرى, وبناء على إجابة هذه الأسئلة سأتوصل بإذن الله إلى معرفة مدى حاجتي إلى التغيير في الجانب الذي أسعى إلى تغيير نفسي فيه, وهذه الأسئلة هي كما يلي :
01 السؤال الأول : هل أنا راضي عما وصلت إليه في هذا الجانب؟ والتشخيص الصحيح هو أول مراحل وخطوات التغيير.
02 السؤال الثاني : هل يمكن أن أكون أفضل في هذا الجانب؟ أم هذا هو أعلى مستوى يمكن أن أصل إليه؟
03 السؤال الثالث : ما هي أهدافي التي أريد الوصول إليها في هذا الجانب؟
04 السؤال الرابع : ما هي إنجازاتي, وعطائي, وبصمتي في الحياة التي أريد تركها ورائي في الحياة في هذا الجانب؟
لابد أن تكون ردودي على نفسي في نقاط حتى يسهل تحليلها والتوصل إلى نتيجة.