بسم الله الرحـمن الرحيم ..,,

موضوع رآئع جداً يتحدث عن حقوق الإنسان عامة وحفظ الكرامه

ولقد كرمنا بني آدم

تولى الله سبحانه تكريم بني الإنسان بعامة , دون تحديد أو تمييز فالناس جميعاً , في نظر الإسلام هم أبناء تلك العائلة الإنسانية
وكلهم له الحق في العيش والكرامه دون استثناء أو تمييز فالإنسان مكرم في الإسلام , ومميز عن كثير من مخلوقاته دون النظر الى
دينة أو لونه أو جنسه , قال تعالى " ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن
خلقنا تفضيلاً " [سورة الإسراء آيه :70 ]

وما اختلاف البشرية في ألوانها , وأجناسها, ولغاتها , إلا آية من الآيات الدالة على عظيم قدرة الخالق تعالى , قال عز وجل
" ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين " [سورة الروم الآية : 22 ]

وهذا الإختلاف لا يجوز أن يكون سبباً في التنافر والعدواة , بل إنه يجب أن يكون سبباً للتعارف والتلاقي على الخير والمصلحة
المشتركة , فالله تعالى يقول " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم "
[ سورة الحجرات آية : 13 ]

وانطلاقاً من هذه المكانة العالية التي خص الله تعالى بها البشر كان لآبد إذا من مراعاة الكرامة الإنسانية للإنسان , مسلماً كان أم
غير مسلم , ولا إخال أن دينا يوازي الإسلام في حفظ كرامة الإنسان , حتى الذي من غير أهله , فهو يؤكد على أن اصل
البشر واحد , وأنهم متساوون في الإنسانية والحقوق.

وميزان التفاضل الذي وضعه القرآن الكريم, إنما هو مايقدمه هذا الإنسان من خير للإنسانية كلها, مع الإيمان الحق بالله تعالى
فالله يقول " أن اكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير " [سورة الحجرات متمم للآيه :13 ]

ورسول الله - عليه أفضل الصلاة والتسليم - يؤكد هذا المبدأ في خطبته لحجة الوداع في العام العاشر من هجرته, حيث قال
(ياأيها الناس ألا إن ربكم واحد , وإن أباكم واحد , ألا لا فضل لعربي على أعجمي , ولا لأعجمي على عربي , ولا
لأحمر على أسود , ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى أبلغت)

ومن صور المحافظه على كرامة غير المسلمين حقهم في مراعاة مشاعرهم حال المجادلة , ومجادلتهم بالحسنى, قال تعالى :
" ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا و أنزل إليكم وإلهنا وإلهكم
واحد ونحن له مسلمون " [ سورة العنكبوت آية : 46 ]

وقد بلغ من تكريم المولى تبارك وتعالى للإنسان أنه نهى المسلمين أن ينالوا من الآلهه التي يعبدها المشركون بالسب , حتى
لا يؤدي ذلك بهم الى النيل من الله الإله الحق , وفي ذلك تكريم للإنسان , فأحترام شعوره نحو الأشياء التي يقدسها احترام
لكرامته , قال تعالى " ولآ تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم الى
ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون " [سورة الأنعام الآية : 108 ]

وفي ذلك يقول الإمام القرطبي عن أهل الذمة (فلا يحل لمسلم أن يسب صلبانهم , ولا دينهم , ولا كنائسهم , ولا يتعرض
الى مايؤدي الى ذلك لآنه بمنزلة البعث على المعصية )

ومن صور كرامة غير المسلمين اعتراف المسلمين بما لديهم من فضائل وصفات حسنه , ومن شواهد ذلك أنه لما ذكرت الروم
عند الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه قال (لئن قلت ذلك إن فيهم لخصالاً أربعاً : أنهم لأحلم الناس ثم فتنه
, وأسرعهم إفاقة بعد مصيبه , وأوشكهم كرة بعد فرة , وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف, وخامسة حسنة جميلة , وأمنعهم
من ظلم الملوك )

ويطبق الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم هذا المبدأ حتى مع الأموات حيث كان صلى الله عليه وسلم يأمر بالقيام للجنائز
كما في حديث عامر بن ربيعه رضي الله عنه حيث روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قال (إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى
تخلفكم , فمرت به يوماً جنازة , فقام فقيل له أنها جنازة يهودي , فقال أليست نفساً ؟ )

وقد امتثل لذلك صحابته الكرام رضوان الله عنهم من بعده فحدث أن مرة جنازة بسهل بن حنيف وقيس بن سعد رضي الله عنهما
وهما قاعدان بالقادسية , فقاما فقيل لهما (إنها من أهل الأرض , أي من أهل الذمه , فقالا : إن النبي صلى الله عليه وسلم
مرت به جنازة فقام , فقيل له : أنها جنازة يهودي , فقال : أليست نفساً؟ )

وقد اهتم الخلفاء المسلمون كثيراً بمراعاة كرامة غير المسلمين وأشهر الأمثلة على ذلك قصة القبطي مع عمرو بن العاص ,
والي مصر حيث ضرب ابن عمرو ابن القطبي بالسوط وقال له : أنا إبن الأكرمين ! فما كان من القطبي الا ان ذهب الى
أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المدينة وشكا إليه : فأستعدى الخليفة عمرو بن العاص وابنه , وأعطى السوط
لابن القرطبي وقال له : اضرب إبن الأكرمين و فلما انتهى من ضربه التفت إليه عمر وقال له : أردها على صلعه عمرو فإنما
ضربك بسلطانه , فقال القطبي : إنما ضربت من ضربني , ثم التفت عمر الى عمرو وقال كلمتة الشهيره
(يا عمرو , متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ؟ )

ومما يستحق التسجيل في هذه القصه : أن الناس قد شعروا بكرامتهم وإنسانيتهم في ظل الإسلام , حتى أن لطمة يلطمها أحدهم بغير
حق يستنكرها ويستقبحها , وقد كانت تقع آلاف مثل هذه الحادثة وماهو أكبر منها في عهد الرومان وغيرهم , فلا يحرك بها أحد
رأساً ولكن شعور الفرد بحقه وكرامته بكنف الدولة الإسلامية جعل المظلوم يركب المشاق ويتجشم وعثاء السفر الطويل من مصر
الى المدينة المنورة واثقاُ حقة لن يضيع , وأن شكاته ستجد أذنا صاغية .

وإذا لم يصل أمر الذمي الى الخليفه , أو كان الخليفه نفسه على طريقة والية , فأن الرأي العام الإسلامي الذي يمتثل في
فقهاء المسلمين , وفي عامتهم كافة يقف بجوار المظلوم من أهل الذمة ويسانده .


المصدر كتاب التعامل مع الآخر ( شواهد تاريخيه من الحضارة الإسلامية )
أعداد الأستاذ الدكتور إبراهيم بن محمد الحمد المزيني

الجموح الله يعافيك حبيبتي وتسلمين على الطوق

همس الغرور ..,, فعلآ ماأجمل ديننا والله يقدرنآ نطبقه كـامل

شــاكره مروركم