عام بلا خادمة

موضوع: عام بلا خادمة السبت 04 يونيو 2011, 7:32 pm

عام بلا خادمة

كتبت سيدة فنلندية تعيش في الرياض تعليقا على صورة نشرتها في مدونتها لعائلة سعودية في أحد المتنزهات: "من الشائع جدا أن ترى خادمة ترافق كل أسرة؛ لترعى الأطفال. إنه مشهد تقليدي في السعودية: عائلة تتنزه. الوالدان منشغلان باحتساء القهوة أو الحديث مع بعضهما أو أصدقائهما عبر (البلاك بيري)، بينما الخادمة الأندونيسية تراقب الأطفال، وتركض خلفهم، وتطعمهم. دور الوالدين يتقلص في إعطاء الأوامر للخادمة". إلى هنا انتهى شرح الصورة الذي كتبته الممرضة الفنلندية في مدونتها الإلكترونية: "صور من السعودية"، في 29 مايو 2011. هذا الانطباع القصير الذي سجلته السيدة الفنلندية ينطوي على معان عدة، أبرزها اتكالية الأسرة السعودية، وسوء معاملتها للعاملة المنزلية التي تستقدمها. قد نختلف حول تلك النقطة. لكن نتفق أن استقدام العمالة المنزلية من الصناعات النادرة التي نجيدها ببراعة من دون العالمين.
لا يكاد يخلو منزل سعودي من خادمة أو خادمتين وأحيانا ثلاث. في المقابل لا نجد هذا المشهد في أكثر دول العالم ازدهارا واستقرارا كفنلندا التي تتصدر قائمة الدول الأكثر رفاها عام 2010 حسب (النيوز ويك). إن توافر الخادمات في منازلنا بهذه الكثافة يعكس خللا حقيقيا في تركيبتنا الداخلية أفضى إلى مشاكل جسيمة ندفع ثمنها الآن. مثلا، الفلبين أقرت شروطا تعجيزية للاستقدام من بلادها، ورفعت رواتب مواطناتها بمعدل 100%. والحال لا يختلف كثيرا في سريلانكا. ناهيك عن مشاكل تسربهن، والمتاجرة بالتأشيرات وغيرها من القصص التي تتردد بوفرة في المنازل السعودية والخليجية.
أمام هذه الظروف يجب أن نفكر جديا، أكثر من أي وقت مضى، في التقليل من استقدام العمالة المنزلية التي يشكل وجودها عبئا ماديا ومعنويا على الأسرة. أتفهم تماما أن بعض الأسر لا يمكن لها أن تستغني عن خادماتها نظرا لوجود ظروف صحية أو حالات خاصة تتطلب وجودها. لكن هذه الظروف لا تنسحب على كل الأسر. فهناك الكثير من المنازل المزدحمة بالشبان والشابات القادرين على مساعدة ذويهم في إدارة المنزل دون الحاجة إلى تكديس العمالة بين ضلوعها.
شخصيا، جربت الحياة مع أسرتي الصغيرة مع خادمة ودونها ووجدتها أجمل كثيرا من دونها. وتساءلت بيني وبين زوجتي مرارا كيف سمحنا مبكرا لشخص غريب أن ينتهك خصوصيتنا وندفع له مقابلا على ذلك. وندمت على كل لحظة أهدرناها بوجودها. فقد كنت وزوجتي وطفلتي غرباء في منزلنا أثناء وجودها. لكن سرعان ما تحررنا من هذه القيود عندما لم يعد لها أثر بيننا منذ نحو عام. أصبح دوري بعدها لا يقتصر على شراء احتياجات المنزل فحسب، بل المساهمة في جلي الأطباق وتنظيف المنزل. قيامي بهذه المهام جعلني أشعر بامتنان أكبر تجاه ما تقوم به زوجتي. أدركت أن ما كنت أعتقده مهمة صغيرة يسيرة ظاهرا، هي في الواقع مهمة تتطلب الكثير من الصبر والتحمل والجهد. أصبحت ابنتي طفلة طبيعية كبقية أطفال العالم، تجلب الحليب والماء لنفسها بعد أن كانت تحصل على هذه الامتيازات دون وجه حق خلال وجود عاملتنا المنزلية. وربما لو استمرت عاملتنا مدة أكبر سيكبر في داخل ابنتي حب التسلط كما تمدد في أنسجة الكثير منا وصرنا ننظر للكثير من أبناء هذا العالم بفوقية تجسد معاناتنا وعنصريتنا. إنني لا أدخر أي شعور سلبي تجاه عاملتنا السابقة. فقد كانت (ميرسي) تؤدي عملها بتفان حسب ما لمسته. لكن أدخر الكثير من المشاعر السلبية تجاهي لأني سمحت لنفسي باستقدام ما لا أحتاجه. بددت نقودا وسنوات كنت وأسرتي أولى بها. لو كان القرار اختياريا لما استغنينا عنها. لكن ظروف تواجدنا خارج المملكة أجبرتنا على ذلك. إننا يجب أن نشكر بعض الظروف التي تتيح لنا فرصة خوض تجارب جديدة لا نملك الشجاعة لخوضها طوعا. إن العمالة المنزلية قد توفر لنا راحة واسترخاء نحتاجه ونبتغيه، لكنها في المقابل تحرمنا من الكثير. تحرمنا من تواصل مباشر وحميمي مع زوجاتنا وأبنائنا. غياب هذه العمالة سيجعلنا بشرا مثل سائر البشر الذين لا يعرفون الاستراحات والديوانيات؛ لأن كل عضو في الأسرة لديه قائمة من المتطلبات يجب أن ينبري لها ولا يوجد من ينوب عنه للقيام بها.
نحزن كثيرا لأن الغرب ينظر لنا على أننا شعوب اتكالية، لا تعرف سوى تبديد ثرواتها، في حين أننا نكرس هذه الصورة باستقدام من يعد لنا الشاي ويجلب لنا كأس الماء. إن إدمان إسداء الأوامر للخادمات منذ الصغر يحولنا إلى متسلطين وعنصريين في الكبر.
إن مجتمعاتنا لن تنهض وتقوم لها قائمة، إذا لم ننهض نحن ونقوم بهذه المهام الصغيرة التي نستقدم من يقوم بها من أجلنا. إنك لن تستطيع أن تصبح فنانا عظيما وأنت لا تجيد الإمساك بالريشة. قبل عدة سنوات أثناء زيارتي لمنزل قريبي جاءه ابنه باكيا: "أبي، لا أستطيع أن أرسم الشجرة التي طلبها المدرس". فأجابه الأب دون عناء وتفكير: "دع (الشغالة) ترسمها لك". لا أعلم هل رسمت (الشغالة) الشجرة لابنه أم لا؟ لكن أعلم جيدا أن هذ الطفل لن يستطيع أن يرسم مستقبل الوطن الذي نريد؟!

عبدالله المغلوث

http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=5936

فعلا حاجه مؤسفه ... وخطأ كبير يضيف لمجتمعنا نقطه سوداء اضافيه لانه من وجهة نظري ملئ بالنقاط السوداء ...

الحمدلله الذي عافانا مما ابتلى البعض ...

كيف سمحنا مبكرا لشخص غريب أن ينتهك خصوصيتنا وندفع له مقابلا على ذلك

للاسف هذا الشعور اللي اعيشه واتمنى ينتهي في يوما ما ...

شكرا من القلب على النقل للموضوع الاكثر من رائع ...

هموستي لو ما عشت معك ماكان فهمت كلام الكاتب

فعلا انتي توعين الواحد على اشياء ما كان يعرفها

الله يحفظك

نحزن كثيرا لأن الغرب ينظر لنا على أننا شعوب اتكالية، لا تعرف سوى تبديد ثرواتها، في حين أننا نكرس هذه الصورة باستقدام من يعد لنا الشاي ويجلب لنا كأس الماء. إن إدمان إسداء الأوامر للخادمات منذ الصغر يحولنا إلى متسلطين وعنصريين في الكبر.

كلآإم صحيح 100٪ انآ بعد شخصياً جربت من صغري والحين الحمدلله آعتمد ع نفسي من بعد مآ رآحت شغآلتنآآ ... الحمدلله ع كل ح ــــآل و ربي يهدي الجميع

يعطيكـ الع ـآفيه محمد ..

مـقال جميل ..

يعطيك العافيه محمد عالانتقاءات المميزه

اشكر مروركم الكريم